:تنويه

تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .


السبت، يوليو 20، 2024

خواطر في الأدب والفن


  • الرسّامة الألمانية كاثي كولوفيتز صوّرت في لوحاتها معاناة الناس مع الحروب والظلم والموت. وصورها تمتلئ بالتعاطف مع الفئات الاجتماعية المحرومة، كما يمكن اعتبار تلك الصور محاكمة للأوضاع الاجتماعية والسياسية في ألمانيا في نهاية القرن التاسع عشر وبداية العشرين.
    بعد كارثة الحرب العالمية الأولى، أنتجت كولوفيتز مجموعة من سبع لوحات بعنوان "الحرب". واستخدمت صورا لأمّهات وأرامل وآباء مكلومين فقدوا أقاربهم في الحرب. وركّزت بشكل خاص على حزن الأمّهات بعد أن فقدت، هي أيضا، ابنها في الأشهر الأولى من الحرب.
    في لوحة الأمّهات، وهي جزء من لوحات الحرب، تظهر مجموعة من النساء الثكالى والمفجوعات وهنّ يحتضنّ بعضهنّ بعضا بعد أن فقدن ابناءهنّ في الحرب. الصورة تنقل إحساسا بالفقد واليأس. تعبيرات النساء مؤرّقة وتجسّد مشاعر الأمّهات اللاتي تحمّلن الألم الذي لا يمكن تخيّله لفقدان أبنائهن بسبب ويلات الحرب.
    الأطفال الذين يبرزون من تنانير أمّهاتهم في الصورة هم إشارة ضمنية إلى أن الأمّهات سيقفن معا لمنع أطفالهنّ من السير على طريق الحروب والدمار.
    لوحة "الأمّهات" تّعتبر شهادة على التزام كولوفيتز بتوظيف فنّها كأداة للفت الانتباه إلى التأثير المدمّر للحروب على حياة الناس العاديين، وخاصّة النساء والأمّهات اللاتي غالبا ما يتحمّلن النصيب الأكبر من عواقب ومآسي الحروب.

    ❉ ❉ ❉

  • وقفة العربي ونظراته، في هذه اللوحة من عام 1842، توحي بثقته واعتداده بنفسه في مواجهة النبيل الأوربّي الذي يحدّق فيه وهو متّكئ على أريكة.
    قد يكون العربي هو صاحب هذه القافلة من الجمال. وقد أتى إلى هذا المعسكر ليعرض على أصحابه بعضا من بضاعته.
    ولأن المعسكر منصوب عند سفح جبل يطلّ على دير سان كاترين في صحراء سيناء، والذي تظهر معالمه عن بعد، فمن المرجّح أن الأوربّي الذي يرتدي لباس الشرقيين جاء إلى هنا حاجّاً برفقة بعض عبيده وخدمه.
    الرسّام الإنغليزي جون فريدريك لويس كان من عادته أن ينقل في صوره شموخ العربي وشعوره بالأنفة والكبرياء. وقد استعار للعربيّ في هذه اللوحة نفس ملامح وجيه عربيّ سبق أن رسمه مع مرافقه في لوحة أخرى؛ نفس النظرات الواثقة والمتفرّسة، ونفس اللباس والعباءة المنحسرة عن الكتف، ونفس الخنجر الطويل الذي يطوّق وسطه.
    لماذا هذه اللوحة جميلة ومختلفة؟
    لأن تفاصيلها وشخوصها وألوانها موزّعة بإحكام. وثانيا: لأن موضوعها يمتّ بصلة للقصّة القديمة الجديدة عن حوار أو صراع الثقافات.

    ❉ ❉ ❉

  • من التعبيرات اللغوية الدارجة قولهم: فلان فاز بنصيب الأسد (The lion's share)، أي الحصّة أو النصيب الأكبر من شيء ما. وأصل هذا التعبير قصّة رمزية ذكرها ايسوب الإغريقي في أساطيره عن أسد وذئب وثعلب خرجوا يوما للصيد.
    وبعد أن اصطادوا فريسة، أمر الأسد الذئب بتقسيمها، فوزّعها إلى ثلاثة أجزاء متساوية، ما أغضب الأسد. فوثب على الذئب وهشّم رأسه بضربة من يده. ثم أمر الأسد الثعلب بأن يوزّع الفريسة، فأعطاها كلّها للأسد خوفا من بطشه.
    ثم سأل الأسد الثعلب من أين تعلّم هذه الحكمة، فقال جملته المشهورة: من رأس الذئب الطائر".
    وفي القصّة عبرة، وهي أن الشراكة مع الأقوياء خطرة وأحيانا قاتلة. فالأقوى عادةً يزعم لنفسه حقّا خاصّا، ويمكن أن يكون طمعه مصدر تهديد لشركائه الأضعف.

    ❉ ❉ ❉

  • ❉ ❉ ❉

  • هذه اللوحة الغامضة إسمها "فابيولا"، أي الأسطورة. وقد رسمها إل غريكو عام 1600، وفيها يظهر صبيّ وهو ينفخ في شمعة لإيقادها، وإلى يمينه قرد وعن يساره رجل على وجهه ابتسامة بلهاء أو ربّما ساخرة.
    الأضواء الساطعة والظلال العميقة تضيف غموضا إلى الصورة. لكن المعنى غير واضح. رسالة أخلاقية؟ معنى خاص في ذهن من كلّف الفنّان برسمها؟ دراسة لتأثير الضوء غير الطبيعي على الألوان؟ لا شيء مؤكّد.
    في ذلك الوقت كان إل غريكو قد كرّس صورته في أذهان الناس كرسّام فيلسوف. وكان قد قرأ للتوّ كتاب "التاريخ الطبيعي"، والذي يحكي فيه مؤلّفه قصّة لوحة ضائعة لرسّام قديم حاول فيها الإمساك ببراعة باللمعان العابر لنار متوهّجة.
    وربّما أراد إل غريكو أن يُثبت مقدرته الفنّية في محاكاة ما فعله ذلك الرسّام. وقيل إن المنظر قد يكون ترجمة لمثل إسباني يقول إن النفخ في النار إما أن يؤدّي إلى إشعال الخصومة أو تأجيج الحبّ.

    ❉ ❉ ❉

  • عصور ما قبل التاريخ (prehistory) مصطلح يُطلق أحيانا على الزمن الطويل الذي أعقب بدايات الكون أو تشكّل الأرض. وأحيانا يشير إلى الفترة التي تلت ظهور الحياة على الأرض. وبعض المؤرّخين يحدّدون المصطلح بالفترة ما بين بداية استخدام الإنسان للأدوات الحجرية قبل اكثر من ثلاثة ملايين عام وحتى ابتكار نظم الكتابة التي ظهر أقدمها قبل اكثر من خمسة آلاف عام واستغرق آلاف السنين حتى يتبلور.
    وفكرة أو مصطلح "ما قبل التاريخ" بدأ استخدامه خلال عصر التنوير الأوربّي للإشارة الى المجتمعات البدائية التي وُجدت قبل ظهور السجلات المكتوبة.
    المؤرّخون يعتقدون أن البشر المعاصرين من الناحية التشريحية كانوا موجودين منذ ما بين 200 ألف إلى 300 ألف عام من عمر كوكب الأرض البالغ أربعة مليارات ونصف المليار عام. وعلى الرغم من أن 200 ألف عام هي أقلّ من جزء من عشرين ألف من تاريخ الكوكب، إلا أنها ما تزال فترة طويلة جدّا.
    وأداة المؤرّخين الرئيسية هي ما كتبه الأقدمون. وهذا هو ما يحدّد التاريخ رسميا ويميّزه أحيانا عن علم الآثار والأنثروبولوجيا. مثلا، أقدم السجلات المكتوبة التي اكتشفها علماء الآثار في مصر تعود إلى ما يزيد عن خمسة آلاف عام.
    ومن ثم فإن تاريخ إنشاء تلك السجلات هو التاريخ المقبول حاليا الذي يبدأ فيه التاريخ الرسمي (على عكس "ما قبل التاريخ") في ذلك الجزء من العالم. وبطبيعة الحال، يمكن أن يتمكّن العلماء يوما ما من العثور على سجلات أقدم.
    والمؤرّخون يقولون إنه حتى مع السجلات المكتوبة ينبغي توخّي الحذر، فقد تكون الكتابة بلغة ميّتة لا نعرف عنها اليوم سوى القليل. ولو افترضنا وجود معلومات مكتوبة عن قبيلة غزت قبيلة أخرى، مثلا، فقد نحصل فقط على قصّة متحيّزة وأحادية الجانب عمّا حدث.
    وأحيانا لا تدوّن الروايات إلا بعد أجيال من تناقلها شفهيّا، أي من خلال الكلام، مع قيام كلّ ناقل للقصّة بتغيير التفاصيل بوعي أو بدونه. بل إنه حتى بالنسبة للأحداث التي وقعت بالأمس القريب، يمكن أن يكون لدى من دوّنوها مباشرة تصوّرات مختلفة تماما عمّا حدث وكيف ولماذا حدث.
    وبطبيعة الحال يمكن أن تصبح الأمور أكثر صعوبة بالنسبة إلى عصور ما قبل التاريخ، أو الأحداث التي وقعت قبل وجود السجلات المكتوبة.
    بالمناسبة، بعض العلماء يقدّرون عمر الحياة على الأرض بـ 3500 مليون عام. ويشيرون إلى انه لا توجد حضارة أقدم من عام 12 ألف قبل الميلاد. وإذا وُجدت قبل ذلك التاريخ فستكون من المفصليات ذات الثلاثة فصوص trilobites، وهي كائنات بحرية عمرها 500 مليون سنة وكلّ آثارها اختفت.

    ❉ ❉ ❉

  • شيخ منهمك في قراءة المصحف الشريف وآخر يمسك بالمسبحة ويلهج بالدعاء وثالث يتوضّأ، دراويش، نوافير، أضرحة، مواكب دينية، ارابيسك، زجاج معشّق، خطوط مذهّبة ومصابيح بإطارات خشبية ومعدنية. مثل هذه التفاصيل الإنسانية والزخرفية الشرقية جذبت العديد من الرسّامين الأوربيّين الذين جاءوا في القرن التاسع عشر إلى بلدان المنطقة لاكتشافها.
    وكان من بين هؤلاء الرسّام غوستاف بورنفيند الذي يعتبره البعض أفضل وأشهر فنّان آلماني رسم الشرق. وقد سافر إلى لبنان وسوريا مرارا بمعيّة زوجته وابنه.
    وعندما حلّ الرسّام في دمشق، رغب في رؤية جامعها الأمويّ الكبير. لكن لم يُسمح له بدخوله، فرشا الحرّاس لكي يسمحوا له بالاقتراب من بوّابته. ورسم الناس والمدخل المغطّى بسجّاد مزخرف في منظر مليء بالتفاصيل والألوان البديعة.
    وقد أقام بورنفيند وعائلته في القدس لسنوات واهتمّ بمتابعة ورسم المناسبات الدينية فيها من أعياد ومواكب وطقوس تعبّدية وخلافها. وعَكَس في صوره صروح المدينة المعمارية وبيوتها ومعابدها وشوارعها. وكان ممّا يميّز رسوماته إيلاؤه اهتماما كبيرا بالتفاصيل وكذلك استخدامه البارع للألوان والاضواء.
    كان بورنفيند حلقة في سلسلة من الاستشراقيين الألمان الذين سافروا الى البلدان العربية بدافع من شغفهم بثقافات الشرق ورغبتهم في الاطلاع عليها وتمثيلها صوريّاً. وقد توفّي في مدينة القدس عام ١٩٠٤ بعد ثمان سنوات من اختياره الإقامة الدائمة فيها.

  • Credits
    elgreco.net
    kollwitz.de